الشهيد علي الأصغر…
مفتاح للنصر الأكبر
تلخيصاً لكلمة سماحته (حفظه الله) في مراسم جمعة الطفل الرضيع العالمية التي أقامته جمعية أهل البيت في حسينية الشهابي بمحافظة المحرق (البحرين) سنة (1436).
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله عزوجل:
(وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا)
نعم.. إنه الطفل الذي لم يُكمِل شهره السادس في هذه الحياة حتى ذبحوه عطشاناً فأعطاه الله عمراً مديداً إلى زماننا هذا وإلى آخر يومٍ للدنيا، أليس الله ناصر المظلومين بيده الخير وهو على كل شيء قدير؟!
عليٌّ الأصغر أتى به أبوه الإمام الحسين إلى كربلاء لا ليصيبه العطش ويُذبَح ظمآناً من الوريد إلى الوريد ثم لنبكي وانتهت المصيبة، بل اختاره أن يكون آخر الشهداء ليكون (عليه السلام) قد وقّع رسالته في ظهر عاشوراء بدم طفله البريء، ولا اعتبار لرسالةٍ بلا توقيع!!
مثلها كمثل نهضة الإمام الحسين حيث لم تكن لتكتمل فصولها وتهزّ العالَم إلى يوم القيامة من دون خُطَب السيّدة زينب (سلام الله عليها).
فعليٌّ الأصغر ليس بحجمه المادي الصغير، وهو طفل رضيع، بل هو بعنوانه الكبير وحضوره العاشورائي الخاص في وقته المناسب، لذلك احتفظ الله بدمه في السماء واختزنه في عرشه ليكون شاهداً على مظلومية أبيه الحسين سيّد الشهداء في قضيةٍ مقدّسةٍ تتصل بدور الإسلام في إنقاذ البشرية من الظلم والضلال.
فلنقف عند باب الحسين ونستأذن دخول فضائه المُلهِم.. فكلّ قصرٍ عظيم له باب ولكلّ باب مفتاح صغير لولاه لما استطعتَ فتح الباب والدخول.
هكذا فإنّ إحياءنا لهذه المراسم في الجمعة الأولى من شهر محرّم وهذه السنة الحادية عشر وبهذه الجمهرة من الأطفال الرُّضَّع وفي ملابس خضراء موحَّدة.. كل ذلك يحتوي على رسالة عظيمة، هي أن يا شيعة الحسين أعدّوا أطفالكم إعداداً فكرياً ونفسياً وعلمياً وأخلاقياً وسلوكياً ليكونوا جنوداً بصفات أصحاب الإمام الحسين في كربلاء ينصرون حفيده الإمام المهدي المنتظر (أرواحنا فداه)…
فالهدف من هذا الإجتماع ليس البكاء فقط وأخذ الحوائج الشخصية بجاه الشهيد المظلوم عبدالله الرضيع.. عليّ الأصغر.. بل الهدف أكبر من ذلك بكثير.
فحزننا وبكاؤنا وحضورنا هنا تنديدٌ بالجريمة التاريخية التي ارتكبها الجيش الأموي في كربلاء بحق الطفولة البريئة، وقرارٌ نتخذه في التحدّي لكل مَن يسلك طريق المجرمين كل المجرمين بأننا آباءاً وأمهات وأطفالاً نسلك طريق الوفاء للمظلومين كل المظلومين. هذا هو ديننا وهذه هي ثقافتنا.. يجب أن نربي جيلاً حسينياً بهذا السلوك.. عندئذ سنعي مكاننا الصحيح في خريطة وليّ دم الحسين وأولاده وأصحابه.. ولا يكون هذا الوليّ سوى مولانا بقية الله في الأرضين الحجة بن الحسن المهدي (عجّل الله فَرَجَه الشريف).. هو صاحب الثأر الذي يقتصّ من قتلة أبيه الحسين وذراريهم الذين لازالوا يرتكبون الجرائم ضد الإنسانية.
الآية التي تلوتُها في بداية كلمتي.. تعني هذا المعنى حسب روايات أهل البيت التي وضّحت أهم مصداق لسلطان دم المظلوم.
فهل نُعِدُّ أطفالنا ليكونوا في خدمة هذا المشروع المهدوي العالمي المقدّس؟
فيا أيها الآباء ويا أيتها الأمهات.. إستثمروا ولاءكم للحسين سيّد الشهداء واجعلوه سلوكاً يستبشر بكم إمامُكم المهدي حفيده الموعود لإنقاذ الدين والإنسان والأرض.. خذوا قضية عليّ الأصغر وتساءلوا بها مع الناس ليسألوكم عن تفاصيلها ثم قولوا ماذا كان الحسين (عليه السلام) يريد من قيامه ونهضته حتى قتلوه وأولاده وأصحابه عطشاناً.. ثم قيّدوا نساءه وأطفاله في سلاسل السبي يجرّونهم من بلدٍ إلى بلد وهم أبناء وبنات وأحفاد محمّد رسول الله (صلى الله عليه وآله).. إشرحوا للناس هذه المظلومية التي لم تكن مثلها قبلها ولا بعدها إذ (لا يوم كيومك يا أبا عبدالله الحسين).. بيّنوا أهداف هذا الحسين العظيم واحملوا رسالته للناس.. فوالله لو عرف الناس هذا الدين من هذا البيت العظيم لاهتدوا ولتضامنوا معكم ودافعوا عنكم وجلبتم لأنفسكم عزاً واحتراماً وقوّةً ونجاحاً.. ولاسيما لدى الغربيين مَن يمتلكون منهم مِن العواطف الإنسانية ما يمكنّهم من الهداية ثم المساندة. هذا ما نريده من مجالس العزاء الحسيني.. هذا ما يجب تحقيقه من بركة إحيائنا لذكرى عاشوراء.
جمعة الطفل الرضيع العالمية.. بدأ تأسيسها قبل ثلاثة عشر عاماً، وفي عامها الثاني نقلناها عندنا في هذا الوطن، وها هي اليوم تُقام في أربعين دولة في العالم، وفي كل بلادٍ عدّة مجالس في مدن متعدّدة، وقد أحصيناها فكانت ما يقرب من أربعة آلاف مجلس، فيا حبّذا أن ينسّق المقيمون لها في كل بلد مع بعضهم البعض كيلا تخرج عن مبادئها الأولى من يوم التأسيس.. فالملابس الموحَّدة.. والفترة الصباحية.. وحديث الواقعة الفجيعة.. وقراءة صيغة البيعة مع الإمام المهدي.. والإتيان بأكبر عدد من الأطفال ولاسيّما الرُّضَّع.. والحضور بقلب حزين ودموع ساكبة.. شروط أساسية لإحياء هذه الفعالية المتميّزة بين فعاليات الشعائر الحسينية.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم وجميع مَن يقرأون عن هذه القضية لإحيائها بالطريقة التي ذكرناها وتحت هذا الإسم والعنوان دون تغييرات تسلبها روحها والهدف منها.
بهذه الصورة ستتحوّل جمعة الطفل الرضيع العالمية إن شاء الله إلى مفتاحٍ لأكبر نصرٍ في تاريخ البشرية باسم الإسلام العتروي الناصع.
وفي الختام أدعوكم الآن إلى قراءة صيغة البيعة التي نوجّهها إلى الإمام المهدي صاحب الزمان.. إرفعوا أصواتكم معي:
“بسم الله الرحمن الرحيم. سيّدي يا صاحب الزمان، هذا طفلي قد نذرتُه لك أن يكون حسينياً تحت الطلب، ينصرك في يوم ظهورك لتملئ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً”.
“أللهم كُن لولّيّك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليّاً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تُسكنه أرضك طوعاً وتمتّعه فيها طويلاً، وهَب لنا من رأفته ورحمته وعونه ودعائه وخيره ما ننال به سعةً من رحمتك وفوزاً عندك يا كريم إنك أرحم الراحمين”.