*من الجمعة إلى الجمعة*
أسئلة واردة وأجوبة مختصرة
العدد (8)
* سؤال رقم (1): من البحرين.
شيخنا الجليل.. كيف أنقذ ولدي من أصدقاء السّوء وقد أخذ يتعلّم منهم أمورًا مخجلة، مثل حبّ الكلاب واحتضانه وتقبيله!!
ويصرّ عليّ أن أشتري له كلبًا يصطحبه ويعيش معه في حجرته؟
* الجواب:
إعلم أنّ أكثر الإنحرافات في الكبار قد بدأت معهم منذ كانوا يافعين وعبر أصدقاء السّوء والأفلام الأجنبيّة، وأغلبها نتيجة الفراغ في العطلة الصيفيّة. فإذا كنتَ حريصًا على مستقبل ولدك إبدء بالصداقة معه، وخُذه معك إلى المجالس الدينيّة، والأماكن الترفيهيّة الصالحة، وارسل إليه أولادًا صالحين في عمره ليتصادقوا معه، واجعل أفضلهم مسؤولًا عليه ثم اطلب منه تقريرًا عنه باستمرار. وإلا فإن أصدقاء السّوء سيرمونه اليوم في هذه العادة القبيحة وغدًا سينتقل إلى غيرها حتى يصل إلى ما لا يُحمَد عقباه، لأن الإنحراف من طبيعته التوسّع كالنّار في الهشيم. وهنالك ستموت عليه حسرةً.
إشغله بأمور مفيدة كي لا يعكف على مشاهدة ما يرغب من قنوات تلفزيونيّة بلا حسيب ولا رقيب. هذه سمومٌ تقتل الفكر والرّوح، وعلى الأسرة الصالحة أن تَقِيَ أفلاذ أكبادها منها.
إشرح له مضارّ إقتناء الكلاب في البيت والإلتصاق بها صحّيًا كما في الدّراسات الموجودة في المواقع المختصّة.
لذلك اعتبر الإسلام الكلب واحدًا من النجاسات، ومن يعيش معه إما لا يصلّي، أو يصلّي بصلاة باطلة، أو إذا أراد أن يلتزم بصلاة صحيحة عليه أن يتحرّز منه بشكلٍ متواصل فيعيش معه على أعصابه. وهذا تعسير لا يجلبه العاقل لنفسه.
* سؤال رقم (2): من العراق.
ما رأيكم في علم الفلسفة والعرفان الّذَيْن يدرسهما بعض طلبة الحوزات الدينيّة؟ وما رأيكم في الفيلسوف المعروف بالملّا صدرا وكتابه الأسفار الأربعة؟
* الجواب:
أعتقد أنّ في القرآن الكريم وأحاديث النبيّ الأكرم وأهل بيته الأطهار (عليه وعليهم السلام) توجد كنوز عظيمة لازال طلّاب الحوزات بل وأساتذتها لم يكتشفوها بعد. فلو أنّ الحوزوييّن عكفوا على استنباط ما في هذَيْن الثقلَيْن لما بقي لهم وقتٌ لغيرهما، ومع ذلك ستبقى كنوزٌ منها سوف لم يصلوا إليها.
لذا أعتقد بأنّ التفرُّغ لهذا الأمر أقرب إلى سرور الإمام الحجّة (عليه السلام) الذي يعيش العلماء بأمواله ويدرسون في الحوزات باسمه.
فإذا عرفتَ هذه الحقيقة فستعرف معها أن الفلسفة الممزوجة بين أفكار اليونانيّين وبعض الإسلام وكذلك العرفان الممزوج بين التصوّف والذوقيّات الشخصيّة وبين شيءٍ من قشور الإسلام يسلبانِك الفرص التي تحتاجها في دراستك الأفضل لأنوار الثقلَيْن واستخراج دفائن كنوزهما حيث خاطب الله رسوله قائلًا: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ).
جاء عن الامام الباقر (عليه السلام): “إنّ اللهَ لم يَدَعْ شيئًا تحتاج إليه الأمّةُ إلى يوم القيامة إلا أنْزَله في كتابه، وبيّنه رسولُه، وجَعَلَ لكلّ شيءٍ حدًّا، وجَعَلَ عليه دليلًا يدلّ عليه”.
فهل استطاع علماء الفلسفة إكتشاف ما في كتاب الله وبيانات رسوله ما يسدّون حاجة الأمّة من أجوبة على أسئلتها الحائرة؟!
إنّني لستُ مع علم الفلسفة ولا العرفان بعد أن حَصَرَ النبيّ (صلى الله عليه وآله) العلوم المفيدة في ثلاثة.. قائلًا: “إنما العلم ثلاثة.. آية محكمة، أو فريضة عادلة، أو سنّة قائمة”.
ونقرأ قول الإمام علي (عليه السلام) لإبنه الحسن (عليه السلام): “أبتدِؤك بتعليم كتاب الله عزّ وجل وتأويله، وشرايع الإسلام وأحكامه، وحلاله وحرامه، لا أُجاوِز ذلك بك إلى غيره”.
نعم.. إن الإمام لا يُجاوِز ذلك بولده إلى غيره فلماذا جاوزنا نحن إلى غيره وباسم الإسلام وصاحب العصر والزّمان!!
على هذه المرتكزات قد بنى بعض المراجع والعلماء موقفهم الرافض للفلسفة وللعرفان التابع لها. وهذا هو الصحيح.
نعم هناك حاجة علميّة لمعرفة المبادئ العقليّة وخاصة ما يتصل منها بالمناهج العلميّة في البحث الممنهج وطريقة التفكير المنطقي لابدّ لطالب العلوم الدينيّة من دراستها. وهذا غير الفلسفة التي تحمل في بطنها اعتقادات تخالف (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).
* سؤال رقم (3): من الكويت.
هل برأيكم نحن في الزّمان الذي وصفه النبيّ (صلى الله عليه وآله) في قوله:
“سيأتي على الناس زمان تخبث فيه سرائرهم، وتحسن فيه علانيتهم طمعًا في الدنيا، لا يريدون به ما عند ربهم، يكون دينهم رياءً، لا يخالطهم خوف، يعمّهم الله بعقاب فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجيب لهم.”؟
* الجواب:
هذا الزّمان قد بدأ من بعد رحيل النبيّ (صلى الله عليه وآله)، ولذلك قال (سيأتي) ولم يقل (سوف يأتي)!!
إقرأ تاريخ أكثر المسلمين.. ماذا فعلوا بعد النبيّ (صلّى الله عليه وآله) لتعرف أنّ ذلك الزّمان قد بدأ واستمر إلى زماننا وسيستمر حتى ظهور حفيده الإمام المهدي (عليه السلام).
وهذا لا يعني بأنّ الإشكال في الزّمان نفسه بل في أهل الزّمان، أمّا الزّمان فهو مجرّد ظرفٍ بريء، ما وُضِعَ فيه يصطبغ به.
وهذا يشبه قوله تعالى (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ…) حيث المقصود (وأسأل أهل القرية) لأن جدران القرية لا تنطق، كما أنّ الزّمان لا يذنب.
أقول هذا حتى لا يبرّر البعض استسلامه لفساد أهل زمانه راميًا السّبب على جبر الزّمان. بينما الواجب أن يصون نفسَه فكريًّا وسلوكيًّا كيلا يتلوّث برذائلهم. لأن الآية التي تقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ…) ليست لزمانٍ دون زمان؟!
* سؤال رقم (4): من البحرين.
إنتشر في هذه الأيام مقتطف من خطبة البيان للإمام علي (ع): “لو كنتُ طيرًا لما حلّقتُ على أوال. أوال وما بها من أهوال، لو كنتُ طيرًا ما حلَلتُ على غُصن من أغصان أوال، صرخات الظالم تتردّد من أوال، ورماحها تطعن الشقي والأخيار.
ويلٌ ويلٌ لأوال، يسيل الدّم فيها إلى الركاب”.
* الجواب:
(خطبة البيان) كتيّبٌ معروفٌ عند أهل البحرين فقط، وهو عبارة عن خلطة من بعض كلمات للإمام علي (عليه السلام) وكلمات سجعيّة أخرى مختلقة باسمه لا أساس لها من الصحّة.
ولو كانت الخطبة كلّها صحيحة لكانت موجودة في نهج البلاغة وفي الكتب المعتبرة لعلماء الشيعة الثقات.
هذا ناهيك عن أسلوب سيّد البلغاء أميرالمؤمنين علي (عليه السلام)، فهو أسلوب متميّز لا تجد فيه ركاكة كما تجدها في هذه الخطبة المزعومة. ولهذا نقول لا يجوز نسبتها إلى الإمام (سلام الله عليه) لأنها من مصاديق الكذب عليه.
هذا ما قاله لي أستاذي سماحة المرجع الراحل آية الله العظمى السيد عبدالأعلى السبزواري (رفع الله درجاته).. حينما سألتُه عن هذه الخطبة بالتحديد في سنة (1976م) بالنجف الأشرف.
فالمرجوّ من الأكارم في البحرين أن لا يتداولوا هذه الخطبة ولا يعتمدوا مضامينها. والله العالم.
* سؤال (5): من الدنمارك.
حصل طلاقٌ رجعيٌّ.. وحصل أنّ الزوج (الطالق) قبل انتهاء العدّة جاء إلى بيت والد طليقته وعند اللقاء في الخلوة حَضَنَها وقَبّلها ولَمَسَها حتى قَذَفَ من غير دخول!! ثم قال لها أريد أن أُرجِعك ولكن بشروط، ولم يتفوّه بشروطه. مع العلم أنّ طليقته ترفض الرجوع إليه لا بالشروط ولا بغير شروط.
والسؤال هنا هل قد تحقّق الرجوع بهذا الذي حصل أم لازال الطلاق قائمًا بينهما؟
* الجواب:
الرّجوع في العدّة الرجعيّة هو من حقّ الزوج وليس منوطًا برضا الزوجة. والإحتضان والتقبيل والقذف من دون الدخول إذا لم يكن بقصد الرجوع ﻻ يتحقّق به الرجوع، وكذا ﻻ يتحقّق الرجوع بمجرّد إرادة الرجوع خاصة إذا كان معلِّقا على شروط. وأما إذا حصل الدخول فالرجوع يكون حاصًلا حتى إن لم يقصده ولم تكن طليقته راضية.
* سؤال رقم (6): من الكويت.
ما حكم الزواج بين شيعيّة وسنّي؟
وما حكم زواج شيعيّة وشيعيّ إذا كان العقد يقرأه عالِمٌ سنّي؟
*الجواب:
حسب فتوى مراجعنا الأجلّاء لا يجوز زواج الشيعيّة من السنّي إذا كان هناك خوف الإنحراف على عقيدتها، ويجوز مع عدم خوف الإنحراف. وهنا يُفضَّل لها السّعي في هدايته إلى المذهب الحقّ.. مذهب أهل البيت (سلام الله عليهم) الذي قال عنهم النبيّ الكريم (صلى الله عليه وآله) قال: “إِنَّمَا مثل أَهْلِ بَيْتِي فِيكُمْ كَمَثَلِ سَفِينَةِ نُوحٍ ، مَنْ رَكِبَهَا نَجَا وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ وَهَوَىٰ”.
وروى الذهبي -وهو من كبار علماء السنة- في كتابه ميزان الإعتدال، ج2، ص18: “إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لعليّ (سلام الله عليه): “أمٰا إنّكَ يابْنَ أبي طالب أنت وشيعتُك في الجنّة”.
مع هذه الأحاديث النبويّة إلى جانب الآية القائلة: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) لا يصحّ للبنت الشيعيّة أن تعرّض نفسها للمنزلق المذهبي.
وأما قراءة عقد الزّواج فإذا كان يوجد عالم دين شيعي فهو أوْلى، وإنّما يجوز عند غيره إذا كانت قراءته لصيغة العقد مطابقةً لصيغة العقد عندنا من (تعيين المهر) ثم (إيجاب الزوجة) و(قبول الزوج). وإن كان الزواج مؤقتًا فعليه تعيين المدّة. هنا يصحّ العقد.
* سؤال رقم (7): من الإمارات.
شهر رمضان على الأبواب، وأنا لم أقضِ أيّامًا فاتَتْني من صيام العام الماضي.. ما الحكم؟
* الجواب:
إن استطعتَ خلال الأيام الباقية من شهر شعبان فاقْضِها.. وإلا فادفَع على كل يوم فديةً من الطعام، وهو ثلاثة أرباع كيلو شعير أو حنطة أو تمر أو زبيب أو سعرها للفقير. ثم استغفر ربّك، وقُم بقضاء تلك الأيام بعد شهر رمضان.
* سؤال رقم (8): من قطر.
ما رأيكم في مباريات كأس العالم وانشغال كثيرين بها؟
* الجواب:
إنها لهوٌ.. يُشغِل الناس عن قضاياها الأهمّ.. وإنها لَعِبٌ تستهدف عقول الشباب.. وتجعل المستعمرين وأذنابهم على الذين يريدون قتل الحسّ الإنساني فيهم يضحكون عليهم.. حتى لا يفكّروا في أنين السّجناء وحنين أطفالهم وآهات أهاليهم ومعالجة الجهل والفساد و…
من الواضح أنّ الذين يصرفون كبير اهتمامهم بهذه المباريات لا يمكنهم أن يراقبوا الإستعمار كيف يخطّط لنهب ثروات بلادهم وتدمير مستقبل أجيالهم.
هذا ومن الضّرر المترتّب على الجلوس الطويل لمتابعة هذه المباريات هو السقوط في مستنقع الغفلة عن ذكر الله.. خاصّةً إذا اتفقت أوقات المباريات مع شهر شعبان وشهر رمضان.. فهنا أيّ المائدتَيْن يفضّله الشخص.. مائدة الغافلين أم مائدة الذاكرين؟!
فلنكن الحَكَم العدل على أنفسنا، ألسنا لو أردنا أن ننصف الحقيقة سنرفع البطاقة الصفراء في وجوه أنفسنا أوّلًا، ونحسم الموقف حتى في مشاهدة المسلسلات الفاسدة، وبالأخص ما تبثّه قناة (mbc) في شهر رمضان حول (زنا المحارم) تتميمًا لمسلسلاتها السامّة مِن قبل ومن بعد.
فما يُدريك أيها المسلم.. أيّتها المسلمة فلعلّ الموت قريب.. وربما يباغت الشخص وهو يشاهد شاشة الغافلين والفاسدين!!
هكذا وقد صدق الإمام علي (عليه السَّلام) حيث قال: “كيف يعمل للآخرة المشغول بالدنيا”؟!
√√ وحتى الجمعة القادمة…
نستودعكم الله.